22 Feb
22Feb

أقفُ الآن أمامكَ، مكشوفاً
مثل عمودٍ في الشارعِ
لايفصِلني عنكَ جدارْ..
بقميصٍ مهترئ 
يفضحُ أسيادَكَ، يُخزيهم،
مقطوعِ الأزرارْ ..
بضميرٍ ليسَ يفكُّ طلاسمَهُ إلّا
مَن رضعَ البؤسَ وفسّرَ في العُتمةِ مَخْفِيَّ الأسرارْ..
بعزيمةِ مَن يطحنُ قُدسيّةَ أصنامِ الصدفةِ،
أُعلنُ عَصرَ قيامهْ..
درعي ليس سوى كمّامهْ..
وسلاحي عَلَمٌ ممنوعٌ
نديانٌ بدمِ الثوّار..
لكنْ يا من تتخفّى بِلِثامِ الخِسَّهْ
يا من تثقبُ جمجمتي بقنانيَ حِقدٍ
يا مَن بعتَ حجارةَ (زقّورَتِنا) بالأثمان البخسهْ
أفصحْ عن نفسِكَ، مَن أنت؟!
********** 
تمضي أجيالٌ، تُسحَقُ أجيالٌ،
تتربى أجيالٌ
في أكواخِ صفيحٍ ،
تسترزقُ بين دروب الآلام،
تحجُّ لأرصفة التُعساء..
ثمّةَ إنسانٌ ينظرُ في الليل الى سقفِ العالَمِ
يتساءل: أين العدل؟ تأخَّرَ جداً
أينَ سنابكَ خيلِ الرّبِّ
لتثأرَ من هذا الطاعون الجاثمِ في الأرض الغبراء؟
تأخّرَ جداً
لكن خريفاً تشرينيّاً مجنوناً
ينهضُ من تحت خرائب (أوروك) لِيَرفَعَ هذي الرايةَ
(كُنْ حَذِراً، لاتُسْقِطْها
فيها مِنْ بعضِ دَمِ الشهداء) .. !
لا فرصةَ للعَودةِ، فاتَ أوانُ رجوعي،
أحْرَقْتُ القاربَ، أضرمتُ بأشرعتي اليوم النيرانْ..
لن أرجعَ، فالفقرُ بِهذي الأرض دخيلٌ
وسنابلُ قمحي سُلِبتْ منّي،
وأمانيَّ الثكلى باتتْ رسماً فوق الجدران..
والسارقُ يَتَخَفّى بعباءة قِدّيسٍ ، ما أصغرهُ..
لن أرجعَ،
ليس لأني ليسَ معي أُجرةَ باصٍ،
لكنّي لا املكُ ما أخسرهُ..
يا ميلادَ الثورةِ،
يا أحلاماً وُلِدتْ في تشرينَ،
ويا أملَ الناسِ المُتَبَقّي..
كُوني وطناً يحضنُ وَجَعي،
فأنا (نازلْ..آخذْ.. حقي) . 

(قصي صبحي القيسي)

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة